مستقبل التخصصات الاقتصادية والإدارية

تعد التخصصات الاقتصادية والإدارية جذابة جداً للطلبة الجامعيين في مرحلة القبول الجامعي، وهي خيار مميز للراغبين بالحصول على وظيفة ثابتة أو العمل بشكل مستقل في مجالات الإدارة وريادة الأعمال.مستقبل التخصصات الاقتصادية والإدارية

في وقتنا الحالي تتبع جميع التخصصات الاقتصادية والإدارية إلى كلية الاقتصاد في معظم الجامعات الحكومية السورية، في حين أنها تدعى كلية إدارة الأعمال في السعودية ويطلق عليها كلية التجارة في مصر وبعض الدول الأخرى.

أحاول اليوم التأمل قليلاً في مستقبل هذه التخصصات وما ستؤول إليه الأمور بعد فترة من الزمن، حيث تشهد التخصصات الجامعية دائماً تغيراً في طبيعتها ويتم تطويرها استجابة لتغيرات بيئة الأعمال وتطورها مع الوقت.

انفصال الإدارة عن بقية العلوم الاقتصادية

من المؤكد تماماً أن تخصصات الإدارة والتسويق ستهاجر بعيداً عن مجالات الاقتصاد والعلوم المالية لتصبح مستقلة في كلية واحدة، وقد بدأت ملامح هذه الكلية تنشأ مع إحداث كليات العلوم الإدارية ضمن الجامعات الحكومية وظهور كليات إدارة الأعمال في الجامعات الخاصة.

إن الإدارة مجال واسع وهائل جداً ويعد وجوده إلى جانب التخصصات الاقتصادية والمالية مقيداً له، حيث تتداخل الإدارة مع جميع مجالات الحياة ومختلف تخصصات العمل وليس فقط المحاسبة والمصارف والأسواق المالية، نحن اليوم نجد في الغرب تخصصات الإدارة الصحية والإدارة الهندسية وإدارة المؤسسات السياحية والكثير من التخصصات الحيوية الأخرى.

توسع تخصصات علوم الإدارة

تضم تخصصات الإدارة في عالمنا العربي حالياً: إدارة الموارد البشرية، إدارة التسويق، إدارة العمليات (الإنتاج)، إدارة الأعمال الدولية، الإدارة التنفيذية، الإدارة الحكومية، الإدارة السياحية والفندقية، إدارة العلاقات العامة، إدارة الجودة، إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إدارة التقانة وغيرها.

من وجهة نظر شخصية أرى أن هناك تخصصات كثيرة قادمة في الطريق منها: إدارة المؤسسات الطبية، إدارة المدارس والمؤسسات التعليمية، إدارة تكنولوجيا المعلومات، وغيرها من التخصصات ، ولن تبقى الأمور على ماهي عليه إطلاقاً.

التداخل الأكاديمي قادم لا محالة

إن التداخل الأكاديمي قادم إلى العالم العربي بشكل حتمي كما حدث في أوروبا، سواء طال الزمن أو قصر فإننا سنشهد لاحقاً مميزات تتيحها الجامعات لدراسة تخصصين معاً أو أخذ جزء من تخصص ما ودراسته مع تخصص آخر.

من المتوقع مثلاً أن تطرح الجامعات درجة الإجازة في إدارة الأعمال مدمجة مع قسم الحقوق وبهذا يكون المدير مؤهلاً من زاوية قانونية، وهكذا هو الحال بالنسبة للهندسة المدنية حيث أتوقع ظهور تخصص ضمن كليات الإدارة يضم أعمال المقاولين والتعهدات ويدرس القطاع الهندسي من زاوية إدارية ومالية، ويمكن تعميم هذه الفكرة على جميع التخصصات الجامعية.

الهندسة الإدارية "الهندرة"

إن الآباء المؤسسين لتخصصات الإدارة الحديثة في معظمهم كانوا من المهندسين، عندما نشأ علم الإدارة لم يكن يُدرس في الجامعات وإنما كان محط اهتمام المهندسين ورجال الأعمال قبل أن يضعوا له قواعد رصينة لدراسته والعمل به وفق أسس علمية، يدعى هذا التوجه بـ "مدرسة الإدارة العلمية" وهي حركة نشأت بهدف تأطير قواعد الإدارة وتحويلها إلى علم قابل للدراسة ويخضع للتجربة والبرهان.

حالياً مفهوم الهندسة الإدارية هو مفهوم مجازي ولا توجد شهادات جامعية في سورية تمنح للمهندسين الإداريين، ولكن إذا حاولنا قراءة المستقبل فإننا سنجد تخصص الهندسة الإدارية قادماً بقوة في وقت قريب، وقد بدأت ملامحه تظهر مع إنشاء قسم هندسة الإنتاج في الجامعات الحكومية وهو أحد تخصصات الهندسة الإدارية بشكل رئيسي.

إن كل ما سبق هو افتراضات واستنتاجات وجدتها منطقية من وجهة نظري، هذا ما أتوقع حدوثه خلال العقود القليلة القادمة في سورية وخصوصاً في حال تعافي الاقتصاد وحدوث نهضة في التعليم العالي، إن شاء الله.

حسام الخوجه
بواسطة : حسام الخوجه
مهندس برمجيات، مدوّن ومستشار تعليمي.