قد يدرك الطالب مجالات عمل كلاً من الهندسة المعلوماتية والاقتصاد وتفرعاتها المختلفة وقد تحدثنا عن هذا في وقتٍ سابق، إلا أننا اليوم نحاول الإجابة على سؤال غريب نوعاً ما، وهو يتعلق بالفائدة الأساسية من دراسة التخصصين معاً، فهل لدراسة الهندسة المعلوماتية مع الاقتصاد فوائد جديدة مختلفة عن فوائد دراسة تخصص واحد منهما بشكل منفصل؟
اسمح لي في البداية أن أشرح لك فكرة أساسية لابد وأن تكون راسخة في ذهنك، وهي أن الدراسة الجامعية نمط حديث من أنماط التعليم عبر العصور، بالإضافة إلى أن التخصصات الجامعية ليست إلا شكلاً مؤقتاً لأشكال التعليم العالي.
فلا يُعرف في المستقبل إن كانت كلية الاقتصاد ستبقى متماسكة على هذا النحو، أو أن أحد تخصصاتها قد يسافر ويذهب بعيداً نحو كلية أخرى، فقد تنقسم كلية الاقتصاد إلى كلية إدارة الأعمال وكلية العلوم المالية والمصرفية.
في مثل هذه الحالة، ماذا سيحل بتخصص الإدارة؟ من المؤكد أنه سيبتعد عن تخصص المحاسبة ويقترب أكثر من تخصص التسويق وهكذا، بل وربما تم ابتكار تخصصات جديدة تمزج بين الهندسة والإدارة كما كان معمولاً في أوقات سابقة.
الفروع الجامعية تتطور
التخصصات الجامعية متغيرة باستمرار وتتطور بتطور الزمن، لم يكن في السابق تخصص البرمجة معروفاً، بل كانت مهارات البرمجة النظرية تابعة لتخصص الرياضيات، إلى أن جاء أول حاسوب شخصي لتبدأ الجامعات بتدريس تخصص علوم الحاسوب أو ما يعرف بالهندسة المعلوماتية.
لابد وأن تعلم بوجود إمكانية دمج التخصصات في بعض الكليات الأوروبية، فعلى سبيل المثال يمكن للطالب المقيم في أوروبا أن يختار دمج تخصص علم الأحياء مع بعض المقررات من تخصص الحاسوب ليصبح بذلك متخصصاً في مجال يسمى المعلوماتية الحيوية.
هذا لا يتوفر عموماً في جميع جامعات العالم بل هو متاح فقط في بعض الجامعات المتقدمة علمياً، ورغم ذلك فهو يوحي بأن مستقبل التعليم العالي سيكون مختلفاً عمّا نراه في أيامنا الحالية.
تكنولوجيا معلومات إدارة الأعمال
إن كنت طالباً جديداً على الحياة الجامعية وراغباً بالحصول على تخصص جامع بين المعلوماتية وعلوم الإدارة، فإن الجامعات المحلية لن توفر لك ذلك، بل إنك لن تجد هذا إلا في البلدان المتقدمة.
يدعى هذا التخصص تكنولوجيا معلومات إدارة الأعمال (باللغة الإنكليزية: Science Bachelor of in Business Information Technology) وهو اختصاص جامعي جديد يجمع بين المعلوماتية والإدارة، وكتجربة سورية وجدت شبيهاً لهذا التخصص متاحاً في جامعة واحدة هي الجامعة الافتراضية السورية والتي تقدمه تحت مسمى الإجازة في تقانة المعلومات.
فوائد دراسة الاقتصاد والمعلوماتية
1- تطوير مهارات المحاسب والمصرفي والإداري في مجال المعلوماتية وتكنولوجيا الأعمال، مما يتيح للموظف خبرة أكبر في التعامل مع قضايا متخصصة كإدارة الشبكة في البنوك والتعامل مع برامج المحاسبة شبكياً وصيانة بعض الهاردوير أو التعامل مع نظام السيرفر وحل بعض مشكلاته.. الخ.
2- تطوير مهارات مهندس المعلوماتية في مجال الإدارة، مما يعني أن المهندس سيصبح قادراً على التعامل مع الشركات والمنشآت، وذلك نتيجة لفهم قضايا الإدارة وتأسيس الشركات وكيفية عملها، بالإضافة إلى دراسته لبعض المهارات الاقتصادية كالمحاسبة التجارية وفهم أسس العلاقات العامة والتجارة الدولية.. الخ.
3- إتاحة الفرصة للشباب للعمل في مجالات مختلفة في آن واحد، كأن يعمل المتخصص في مجال المحاسبة بدوام نظامي، وأن يفتتح مشروعاً برمجياً خاصاً به خارج أوقات الدوام، ويشمل هذا العمل عبر الانترنت وغير ذلك.
4- إتاحة الفرصة للشباب لدخول الدراسات العليا بنسبة أكبر، ومن المتعارف عليه أن الدراسات العليا تكون متاحة بنسبة كبيرة لخريجي المعلوماتية ولخريجي الاقتصاد أكثر من غيرهما من خريجي التخصصات الأخرى.
5- عدم وجود قيود نقابية يتيح للخريج الذي يجمع بين التخصصين أن يعمل في مجالات عدة، وذلك في وقتٍ واحد، خلافاً لما يحدث مع تخصصات أخرى كالحقوق والطب البشري وغيرها، فالعمل كمقدم للاستشارات الإدارية لا يتطلب حيازة ترخيص نقابي مثلاً، وكذلك هو الحال بالنسبة للعاملين في الورشات البرمجية والشبكية.
نصائح للطلبة الجدد
أنا لا أنصح شخصياً بالجمع بين تخصصين أياً كانت تلك التخصصات، بل أنصح بالتخصص الدقيق قدر الإمكان ثم متابعة الماجستير والدكتوراه في مجال التخصص المحدد، ورغم ذلك إن كنت مضطراً للجمع بين تخصصين فاعلم أن دراسة الاقتصاد مع الهندسة المعلوماتية تعتبر خياراً جيداً ولا بأس به من الناحية المهنية، احرص على إتقان اللغة الإنكليزية لزيادة الفرص والمنح بنسبة جيدة.
تذكر جيداً أن ماجستير إدارة الأعمال MBA هو خيار جيد للراغبين بإتقان مهارات الإدارة، وهو يقبل خريجي الهندسة المعلوماتية، ويغني عن دراسة بكالوريوس الاقتصاد وجمع التخصصين معاً.